السبت، 4 أغسطس 2012

فتاوى بلا نصوص!


مرة أخرى يعود التلفزيون إلى إثارة الفتاوى واستفزازها ... مسلسل عمر بن الخطاب الذي اتخذت بعض القنوات قرار عرضه, فيما امتنعت قنوات أخرى امتثالا لفتوى الأزهر ... يثير شهية الجدل بدوره بين فتوى النص وفتوى الواقع ...
التاريخ القديم والحديث لفتاوى الفقهاء إزاء ما يستجد في الواقع ويفتقر للنص الصريح, يذكرنا بتحريم التنقيب على النفط في الجزيرة العربية, بحجة أن العمال المنقبين إنجليز كفار, وفتوى تحريم القهوة في بداية ظهورها ببلاد العرب والمسلمين, إلى درجة جلد من يحتسيها ... وفتوى تحريم الطماطم في سوريا بحجة أن السلف لم يعرفها من قبل ... ومع مرور الزمن تحولت هذه الأشياء إلى مباحات ... لا يصدق أحد أنها كانت محرمة في يوم من الأيام ...
فتاوى التحريم في غياب النص الشرعي, تؤكد في كل مرة صعوبة تعامل فقهائنا مع القاعدة الشرعية: "الأصل في الأمور الإباحة" ... ويبقى العامة يستفتون قلوبهم أمام اختلاف العلماء في المسائل الاجتهادية ... فهل ستشاهد المسلسل خلال رمضان أم ستمتنع؟

الأقلية الصاخبة


مشكلة الأغلبية أنها صامتة أمام صخب الأقلية, وأنها لا تقيم لنفسها حجة أمام حجج الأقلية الواهية ... فإذا كان المسلمون في أغلب دولهم يختارون الاتجاه الإسلامي عن قناعة وعن فطرة, ولا يجدون في أنفسهم حرجا أو حاجة للدفاع عن خيارهم ... فإن الأقلية في هذه المجتمعات تشترك في أنها تملك زمام القيادة وزمام المنطق ... منطقها هي ... الذي تفرضه على الأغلبية, وتجد له سندا "معرفيا" ومرجعية "علمية" عنيدة أمام كل حجة ... ذلك أنها حين تولد, توجد معها آليات بقائها, وتوجد معها سلطة البقاء ...
فرجال الدعوة كلهم متهمون في نواياهم, رجعيون, وأفكارهم البعيدة عن التنوير لا تحمل إلا الظلامية ,,, لا لشيء إلا لأنهم لا يملكون سلطة البقاء تلك, وآلياتها بعيدة عن ايديهم ... فأنت لا تجد من ينتقد ماركس أو نيتشه أو روسو أو غاندي مثلما تجد من يهاجم حسن البنا أو سيد قطب أو الشيخ كشك ... فهؤلاء وصوليون يبحثون عن التميز, ويستغلون الدين ليفتنوا عقول الناس!...
لذلك تجد عقول الأقلية تناقشك باسم العقل في الملائكة وعذاب القبر والرؤيا الصادقة ... وحتى أركان الإسلام ... وإذا استنكرت أو استهجنت فأنت ضيق الأفق معاد لحرية الفكر ...
لذا فإنه لا حجة لك في ميزانهم ... ولا سلطة لعقلك في دولتهم ... ولن تسلم من القذى حتى وإن لذت بالصمت ...

سكرتيرة ...!


إن المطلع على أسلوب الإعلانات الجديد في المواقع الجزائرية يفاجأ للوقاحة التي لا تكلف نفسها أن تتستر بأي ستار ولا حجة, ولا أن تختار لنفسها تعبيرا أنظف! ...
افتح أحد المواقع وحاول الاطلاع على شروط توظيف المرأة في الجزائر ... فمدير إحدى وكالات الإعلانات يطلب سكرتيرة جميلة, مشيقة القوام وممتلئة الجسم!!
ومؤسسة أخرى ترسل إلى مرشحاتها للوظيفة استمارة تحدد فيها المعنية بالأمر, أهم ميزة "أنثوية" فيها! ...
يبدو أننا تجاوزنا زمن العبارات الرسمية, مثل: مقبولة الشكل, أنيقة, ... إلى العبارات التي تنم دون مواربة عن نوايا أصحابها, وعن نظرتهم "المهنية" الحقيقية لمهام السكرتيرة ...
فماذا يريد ذلك المدير من سكرتيرة ... ممتلئة الجسم؟ وما دور المزايا الأنثوية في وظيفة مهندسة معمارية؟
يبدو أننا فعلا نتطور في نظرتنا تجاه المرأة ... وأن كل ما تفعله كثير من النساء لإثبات أنفسهن, إنما يصب في عقلية الكثيرين في إطار إثبات انوثتها ... 

متى تعود مصر إلى البيت؟


عام ونصف ومصر رابضة في الشارع بين ميدان التحرير والشوارع الرئيسية الأخرى ... عام ونصف ومصر الثورة واقفة على قدم وساق متوجسة من العسكري والإخواني ... عام ونصف ومصر تراوح الخطى بين الثوري والبلطجي ...
وبعد عام ونصف ... انقسمت مصر إلى نصفين, بين ثورة التغيير والثورة المضادة ... فرغم كل شيء لا يمكننا ان نتجاهل نصفها الذي صوت لأحمد شفيق ... فإذا كان هذا الأخير محسوبا على الفلول, فهل بات نصف مصر من الفلول؟ ...
الرئيس الجديد لن يكون في كل الأحوال نصف رئيس ... ولا يمكنه ان يكون رئيس النصف ... هو رئيس مصر الجديدة, الذي خرج من مخاض مصر الديموقراطية ... ورغم انه سيجد نفسه واقفا على عتبة رئاسة دون دستور وبرلمان منحل, إلا أن ذلك سيكون جزءا من تركته التي حصل عليها ... تركة فيها الكثير من القضايا العالقة والدماء المرهونة ...
فهل سيتمكن الرئيس من إعادة مصر إلى البيت؟ وهل سيعيد المصري إلى حالة البناء الذي بقي متوقفا عاما ونصف؟ 
نشر في ماي 2012

أمين الكتاب


لعل العمل على رأس مكتبة مهمة كالمكتبة الوطنية يؤثر على أبسط سلوك تجاه الكتاب لدى أحدهم ... لكن أن يكون ذاك التأثير سلبيا, فهو ما لا يمكنك أن تتوقعه ...
ولعل المرء حين يعيش مع الكتاب قارئا وكاتبا, يتأثر سلوكه تجاهه بطريقة ما ... لكن أن يشوب هذا السلوك مسحة إهمال مقصودة أم غير مقصودة, فهذا ما لم نكن نتوقعه من الكاتب الجزائري الكبير أمين الزاوي, في برنامجه فهارس, وهو يعرض إصدارات جديدة لكومة من الكتب ... أقول كومة ... لأنه راح كلما عرض واحدا رماه على الأرض بجانبه, حتى استحالت المجموعة إلى كومة متراكمة عند قدميه!
تصرف كهذا يفسر حالة الكتاب والقراءة في المجتمع الجزائري حتى عند النخبة ... وتفسر ذلك التراكم المعرفي غير المجدي الذي نعاني منه ... ليصبح خير جليس يتمسح على أقدام النخبة ... فكيف لا يدوس عليه العوام؟

حلاوة النصر


هذه الأيام رغم كل شيء تسطر صفحات جديدة في تاريخ مصر ... وتعلن دون أي مواربة أو شك أن الثورة انتصرت, وأن دم شهدائها لم يضع هدرا ... هي الثورة حين تؤتي أكل التغيير ... أيا كان هذا التغيير ... الثورة المصرية أثبتت أن هناك يدا عليا حمتها من تلاعبات النظام السابق, ومحاولاته المستميتة أن يقلب الوضاع لصالحه ... هناك فعلا يد عليا قلبت الثورة المضادة على أصحابها.
ومع ذلك يبقى الأمل في أول تجربة ديموقراطية لانتخاب الرئيس ... أمامه عهدة عليه أن يثبت أن أحلام المكسورين يمكن تتحقق رغم أنف الباطل ... وأن الباطل هذه المرة سيمشي قليلا على قدميه منحنيا حاملا على ظهره الحق بعد طول عناء ونضال ...
لا يهم حتى لو نعقت البوم هنا وهناك, لتغلف النصر الصغير بمسحة تشاؤم كريهة, وتبلل طعم حلاوته بمرارة المغرضين ... الثورة انتصرت ... ولا يمكن لأحد أن يفند هذا ... ويحق للمصريين أن يحتفلوا بدموع الفرح النازفة من عيون الثكالى ... فقد أثلجت الصدور ...

صفر!



قبل بضع سنوات, فوجئنا بخبر غياب جامعاتنا الوطنية عن المراتب الألف العالمية ... وتساءلنا كيف تكون جامعة موريتانية أفضل علميا من أي جامعة جزائرية نتفاخر بها!
وتجاهلنا الحالة المزرية للتعليم في مدارسنا بكافة أطوارها ... وكيف يتخبط التلاميذ في العشوائية البرامجية إلى درجة لجوء الأولياء للدروس الخصوصية منذ السنة الأولى ... وتجاهلنا حالة الفراغ الموجودة بين التعليم والواقع, فالبحوث العلمية في واد والواقع الاقتصادي والاجتماعي في واد آخر ...
لكن الصفعة جاءت من جهة أخرى ... حين رفع خبير صندوق النقد الدولي بطاقة الصفر في وجه البنوك الجزائرية العتيدة ... فهي متخمة بالسيولة المالية, لكن قدرتها الاستثمارية ضعيفة ... العملة تملأ أقبيتها, لكن الشعب جائع ... وكأن لسان حال الخبير يقول: يا مدراء البنوك, أليس فيكم رجل رشيد؟
هذا الصفر, في الحقيقة, جاء ليفتح عيوننا أكثر على الرداءة التي لازالت تتصدر المناصب عن طريق المحاباة والمحسوبية, وعلى غياب التخطيط الناجع في مختلف القطاعات ... لكل داء دواء, إلا الرداءة فعلاجها البتر!