الخميس، 26 يناير 2012

المتطفلون على جيبك

من الغريب كيف تسفر الأوضاع الاقتصادية والمادية عن ظواهر اجتماعية معتادة وغير معتادة, لكنها دائما تأتي في صورة نتائج لمقدمات مشابهة.
وقد تطالعك حلول فردية لمشاكل مشتركة, لكن أسوأ ما فيها أنها حلول تتسم بالأنانية والاحتيال. فمشكلة الدخل القاصر عن سد حاجات أيام الشهر الثلاثين وجدت عند بعضهم حلا ماكرا, أعيى حلول أشعب وحيل بخلاء الجاحظ.
كثيرا ما يأتيك شخص تعرفه يستقرضك مبلغا (100 أو 200 دج مثلا), وربما يستخلص منك تلك الفكة القلقة في قعر جيبك, قد لا يكون المبلغ تافها بالنسبة لدخلك أنت ذاتك, لكنك تستنكف أن تطالبه به, وهو يعلم ذلك منك. ويعمل على تكرار طلبه مرة في الأسبوع أو مرتين في الشهر, وقد تعطيه مرات وتمنعه مرات أخرى, لكنك لا تدري أنه يفعل الشيء نفسه مع أشخاص آخرين في اليوم نفسه. وبحسبة رياضية بسيطة, يكون قد حصل لنفسه على راتب رديف لراتبه القاصر, ويكون بعادته تلك قد حل مشكلته على أهون سبيل, متطفلا على رواتب إخوان له يشقون كما يشقى, لكنه لا يتردد أن يمتص من جيوبهم ما يرقع به خروق جيبه, ودون أن يندى جبينه أو يفقد ماء وجهه.
أما أنت فيصبح همك الوحيد أن تحتال عليه بكذبة بيضاء, قد لا ينجو منها ضميرك, كلما لاح لك في مدخل الحي أو باب العمارة ... إما هذا أو ترضى أن تتقاسم معه فكة أنت أحوج منه إليها.
سامية مازوزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق