الجمعة، 27 يناير 2012

نظرية النسبية



لعل الكثير من الموظفين يشعرون أن معظم مشاكل العالم اجتماعية أو فردية سببها المال. فقلته أو انعدامه تجعل قفة رمضان مشكلة, والدخول المدرسي معضلة, وملابس العيد غصة, والأضحية وصمة, ومهر العروس ورطة ...
وتكر أيام السنة والبؤساء في دوامة لا تنتهي من الديون والعجوزات المالية, فمصاريف البيت مسألة تستعصي على الحل لأنها تعتمد على معادلة طرفها الأول الراتب الشهري وطرفها الثاني أيام الشهر ... ثلاثون يوما, لا تدري أيها أقل تعاسة من الآخر, فحتى فرحة يومه الأول صارت مع التجربة المتكررة مشوبة بهاجس الأيام التسع والعشرين الباقية.
صدقوني ... الموظف على بساطته يستطيع أن يفهم نظرية أينشتاين عن النسبية. فالشهر على كوكبه لا يسير بسيرورة الشهر الزمنية على الكواكب الأخرى!
فأسبوعه الأول يجري بسرعة الضوء, لأنه في نهايته يتساءل في دهشة حين تمتد يده إلى حافظته ويشعر أنها صارت فجأة ... خفيفة: ألم أقبض الراتب البارحة فقط؟
الأسبوع الثاني يمشي مشيته العرجاء مع كل فلس ينفقه ... هذا إن لم تفاجئه مصالح الكهرباء والغاز أو الاتصالات بالفاتورة كأنها بطاقة دعوة إلى الهاوية!
بقية الشهر - سبحان الله- لا تدري كيف تتمطى وتستطيل, وكأن البركة التي انسلخت عن راتبك حلت في تلك الأيام فنمت وزكت وطالت واستعرضت!
ورغم كل الزيادات الهزيلة على مر السنين الماضية, لا تزال المشكلة نفسها قائمة, ولا تزال مسألة الراتب تستعصي على الرياضيات ...
عبثا تمسك ورقة وقلما وتتساءل ما هي الزيادة التي قد تحل مشاكلي؟ عشرة آلاف عشرون ... مائة؟ في الحقيقة ... أنا نفسي لا أعرف المبلغ المطلوب, لأن آليات السوق لن تتوقف عن الحركة, وكل شيء فيها يجر بعضه بعضا ...
ولأنني أدركت أن المال باعتباره قوة, إذا كبرت, يجر معه مسؤوليات أكبر ... فهل تقدر عليه؟ تلك مسألة أخرى سنتناولها في حينها ...
سامية مازوزي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق