الخميس، 26 يناير 2012

أيام الصبر

مشاهد
دعونا نتحدث قليلا عن ثورات الربيع العربي سواء كنا معه أو ضده, فالأمر لم يعد مهما ونحن نشاهد التطورات ماثلة أمام أعيننا. لأننا في كل الأحوال لا يجب أن نتسرع في إطلاق الأحكام على طبخة لم تستو أو بناء لم يكتمل, لسبب واحد فقط هو أننا أمام دورة من دورات التاريخ الحتمية التي لا مفر منها, أكانت خيرا أم شرا.
هذه الفترة بالذات تعلمنا أن نعود إلى كتب التاريخ حتى نرى أن كل الثورات والانقلابات وحملات الاحتلال خرجت عن يد صانعها لتجرها عجلة التاريخ إلى نتائجها, التي لم ينجلِ عنها الغبار إلا بعدها بعقود أو حتى قرون. لأننا ببساطة لا يمكن أن نحكم على الأحداث في حينها حكما صائبا, لأننا ببساطة سنختلف حقا من الحسين ومن يزيد!
والعاقل من يتمسك بالصبر والتروي قبل أن يجادل ويماري, لأن هذه من أيام الصبر التي حكى عنها النبي صلى الله عليه وسلم: " فإن وراءكم أيام الصبر ... الصبر فيهن كقبض على الجمر". والصبر هو ملاذنا حين تجن علينا فتن كقطع الليل المظلم يخشى فيها المرء على دينه وإيمانه.
هذه الأيام أجد نفسي أقرأ كثيرا عن معركة صفين, عن فتوحات الحجاج ومظالمه, عن نكبة الأمويين على يد العباسيين عن سقوط بغداد على يد التتار, عن ملوك الطوائف, عن سقوط الأندلس, عن إلغاء الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك وحتى عن الثورة الفرنسية ومقصلتها التي حصدت الرؤوس الناعمة. أحداث بدت كأنها نهاية العالم في حينها, لكننا الآن نفهمها أكثر مما فهمها الفاعلون فيها. والتاريخ عبر مريرة, إذا أردت أن تتعظ منها عليك أن تقرأها جيدا, فهي ليست مجرد مباراة في كرة القدم نلوكها في جلسة مقهى في فورة حماس عابرة, لأن الرهان مختلف, فشتان ما بين كرة تدحرجها أرجل ورؤوس يدحرجها جلادون ...!
سامية مازوزي
mazouzi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق