الأحد، 10 يونيو 2012

القيم ... وعوامل التعرية


يمكن أن يثار جدل كبير حول القيم نفسها, هل هناك خط فاصل يدل عليها؟ هل هناك مفهوم واحد يحددها؟ هل يمكن أن تتغير نظرة مجتمع إلى قيمة ما, بحيث ما يكون محرما ومستهجنا في زمن ما يصبح مباحا ومطلوبا في زمن آخر؟
أقول هذا من واقع تجربتي مع جيلي, ومع الأجيال الحديثة التي احتككت بها حين كنت أدرس في مرحلة ما ... وأغرب ما يمكن أن تكتشفه, يحدث دائما مع تلاميذ الإعدادية ...
كان هناك تلميذ, أحسبه من الجادين الخلوقين, وكان قد اقترب مني كثيرا لدرجة مصارحتي بما يجول في خاطره, وما يعتلج في نفسه, ربما لأنه كان قد فقد أمه حديثا (رحمها الله). وكان أن أخبرني ذات مرة أن له "صديقة" في المدرسة يبادلها عواطف خاصة ... تجاوزت دهشتي لصراحته ... وتجاوزت كل نصائح "الكليشيه" في معالجة مثل هذه المواقف, وقررت أن أسأله: "هل تعتقد أن علاقتك بها صواب أم خطأ؟", فأجاب بعفوية: "بالتأكيد صواب ...", فقلت في نفسي: لأجل هذا هو لا يخفي الأمر ولا يتحرج من ذكره ... فهذا الفتى وبطريقة ما لم تصله أي رسالة من العرف الاجتماعي على الأقل ... ثم قررت أن ألتف حول الموضوع بطريقة أخرى, فقلت له: لا أعتقد أن أخاها إذا رآكما معا في الشارع سيعجبه ذلك ... فأجاب بلا تردد: ولِمَ لا؟ أنا على استعداد لمناقشته في الأمر!!!
لا بد أنه تعجب من تعابير وجهي حينها أكثر من عجبي لجوابه ... الفضائي ذاك ... وبعد مناقشة قصيرة أدركت أن الفتى يجد دعما من أفراد أسرته في هذه المسألة ... بدءا من جدته إلى أخته الكبرى التي تكللت علاقتها السابقة بالزواج!!!..
هنالك عرفت أن أشياء كثيرة تتغير في مجتمعنا ... ليست التكنولوجيا وحدها ... وأن القيم لا تتمتع بنفس الحصانة التي كنا نخالها لها ... وأنها عرضة لعوامل التعرية والنحت, تماما كالتضاريس!!!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق