السبت، 11 فبراير 2012

قبل أن يجف عرقه


"أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه" حديث نبوي نحفظه جميعا أجراء ومستأجِرين (بكسر الجيم), فالصنف الأول يستأنس به وصية تركها الرسول صلى الله عليه وسلم كي يرفع عنهم العنت, والصنف الثاني يقلبه بين يديه عقدا خطته كلمات الرسول الكريم, ويشهده رب العزة, فإما أن يؤدي حقه أو يغفل عنه ...
لعل معظم أصحاب الرواتب الشهرية يتفقون على صعوبة يوم "القبض" الذي غالبا ما تكون ولادته متعسرة تزيد فيه طولا وعرضا, وقد تستعصي فتزيده أياما على قدره ... فيجف العرق ... وتحشرج الحلوق ... وتكفهر الوجوه ...
فلماذا ارتبط الأجر بشرط فيزيولوجي كالعرق؟
الجواب المحتمل ... أن الأجير يكون في ذروة عطائه لأنه يتوقع أجره ... طبعا دون أن ننكر عوامل أخرى تساهم في شحذ همته, كحبه لما يفعل واستجابته لضميره ... لذا فإن نشاطه ذاك يجب أن يُحدث ردة فعل من جانب رب العمل ... وردّة الفعل هذه إذا لم تكن بالسرعة المطلوبة ... أو إذا لم تحدث أصلا ... ستكوّن ردة فعل معاكسة لدى صاحبنا الأجير, فيجف عرقه لأنه يتوقف فجأة عن العطاء المتوقع منه ... فتخمد همته وتخر عزيمته ... وتستحيل حركاته في ميدان العمل بالية ... جافة ... من غير مردود ... ساعتها يفقد حبه لعمله ... ويفقد ضميره السيطرة على أدائه ... ثم نتساءل بعدها: أين عرق الجبين؟
سامية مازوزي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق