الاثنين، 20 فبراير 2012

رجال من ورق


من أقسى المشاهد على النفس, أن تضرب فتاة أمام الملأ ضربا مبرحا وتهان ولا يحرك أحد ساكنا, وتجد الرجال بين أمرين فإما أن يشيح بوجهه ويفر ببقايا رجولته, وإما أن يستمرئ المشهد فيقف متفرجا وكأن الأمر لا يعنيه, بل قد يتخذ المسألة شماتة, فيعلل ما يراه بعلل بائسة ما أنزل الله بها من سلطان, لأن الأنثى عنده متهمة ولو كانت الضحية ...
لكنه لا يدرك أنه في الحقيقة إنما أشاح بوجهه عن رجولته وهي تنتحر ... أنه يتفرج على أشلاء مروءته الممزقة ... وأنه يشارك ذاك اللئيم في لؤمه ... حين لم يتبقى في قاع نفسه ظل للكرامة البائدة ... فما أهانهن إلا لئيم وما أكرمهن إلا كريم ...
هل انتهى زمن المروءة؟.. هل ولى عهد الفروسية وانطوى في صفحات الروايات والبطولات التاريخية بلا عودة؟ هل نفقت أحصنة  هؤلاء فقعدوا عن المكرمات؟
إن جبن الرجال أشد على المرأة الحرة من سياطهم ... وإنه ليقع على روحها موقع الضربة القاضية ... فيبعثر كل آمالها وأحلامها في قصص الطفولة الدافئة ... ويحيل الرجولة معاني من ورق لا حياة فيها ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق