الخميس، 29 مارس 2012

عابر تاريخ


حماتي امرأة في عقدها السابع, ككل النساء الجزائريات تحمل التاريخ ذكريات بريئة لطفلة صغيرة وامرأة شابة ...
طفلة رأت الجنود الأمريكيين يجوبون شوارع العاصمة حين كانت في السابعة عام 1942, وكيف كانت هي وأقرانها يرددون جملة انجليزية واحدة لمخاطبتهم, دون أن تعرف أنها لغة إنجليزية ... حين تذكر هذا تضحك كثيرا ...
امرأة شابة, تذكر كيف اقتحم جنود الاستعمار بيت العائلة بحثا عن أخي زوجها, وكيف فكوا قماط وليدها كي يبحثوا عن قطعة سلاح ... وحين تذكر هذا تلمع عيناها فخرا ...
وهي في الحادية عشرة, حين كانت في خميس مليانة عند خالتها, أخذها عمها لاستقبال مصالي الحاج بالزهور, تتذكر كيف خطب فيهم عن جزائر حرة مستقلة ... لكن هذه الحادثة لم تذكرها إلا حين رأت لقطة عنه في إحدى القنوات الجزائرية الجديدة ... بعد التعتيم الإعلامي والتاريخي الطويل الذي لف هذه الشخصية ... حين رأته صرخت: الحاج مصالي ... ثم بكت ... وهي تقص علي كيف دخل هذا الرجل بتاريخه إلى ذاكرة طفلة في الحادية عشرة ... بكت رغم أنها لا تعرف أنه مات في المنفى كأنه لم يناضل ولم يؤسس لفكرة الكفاح المسلح ... رجل غيبت صورته كأنه عابر تاريخ ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق